بقلم: هەلو حسن سعید
على عكس بعض الدول الغربية، تُشدّد الصين على مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتُفضّل الانخراط الدبلوماسي والاقتصادي بدلاً من التدخّل العسكري. ويأتي هذا النهج متماشياً مع المبادئ العامة للسياسة الخارجية الصينية، التي تؤكد على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل، والتعاون. وعلى الرغم من كونها دولة نووية، فقد دعت الصين مرارًا إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، وأكّدت على أهمية الحوار والدبلوماسية.لقد كان قرار الصين بفتح قنصلية لها في إقليم كردستان في وقت كانت فيه المنطقة تمرّ بظروف مضطربة خطوة استراتيجية ورسالة واضحة. فقد هدفت هذه الخطوة إلى إيصال رسالة تضامن ودعم للسلطات الكردية وللشعب الكردي، وأظهرت من خلال ذلك التزامها بتعزيز وجودها الدبلوماسي وتوسيع نطاق تعاونها في الإقليم.
أصبحت القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية في أربيل ركيزة أساسية في العلاقات الدبلوماسية والإنسانية بين الصين وإقليم كردستان العراق. فمن خلال مبادرات استراتيجية في مجالات التعليم، والثقافة، والتنمية الاقتصادية، والمساعدات الإنسانية، لم تعزز القنصلية العلاقات الثنائية فحسب، بل أثّرت أيضًا بشكل مباشر وملموس في حياة المجتمعات المحلية.في نوفمبر 2023، وبالتعاون مع مؤسسة علي بابا الخيرية ووكالة الصين للتنمية الريفية، أطلقت القنصلية مبادرة “حقيبة الباندا” في مخيم هرشم بأربيل. وشملت المبادرة توزيع مساعدات أساسية على الطلبة النازحين، وقدّمت دعماً عمليًا ورسائل تضامن في الوقت ذاته. وقد حضرالقنصل العام ليو جون شخصيًا مراسم التوزيع، مؤكدًا التزام الصين طويل الأمد بدعم التعليم والرفاه الاجتماعي في كردستان. وقد عكس حضوره الفعّال النهج الدبلوماسي الإنساني الذي تتبعه القنصلية.وإدراكًا لأهمية التعليم كجسر بين الثقافات، اتخذت القنصلية خطوات ملموسة لدعم تعليم اللغة الصينية في الإقليم
قسم اللغة الصينية في جامعة صلاح الدين: بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيسه في نوفمبر 2024، أصبح هذا القسم مركزًا للتبادل الثقافي. وقد قام القنصل العام ليو جون بتكريم الطلبة المتفوقين، مؤكداً استثمار الصين في شباب كردستان.التحضير لافتتاح قسم جديد في جامعة السليمانية: حيث تُبذل جهود فعّالة لإنشاء قسم جديد للغة الصينية، مما يعمّق التعاون الأكاديمي بين الجانبين.وفي إطار الاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، نظّمت القنصلية أسبوعًا للسينما الصينية في مدينة السليمانية، حيث تم عرض أفلام هادفة تعرّف الجمهور الكردي على تاريخ الصين وقيمها ومجتمعها المعاصر. وأظهرت الفعالية كيف يمكن للتقدير المشترك للفن والسرد القصصي أن يعزّز العلاقات الدولية.كما كان للقنصل العام ليو جون دور بارز في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين وإقليم كردستان، من خلال مشاركته في محادثات رفيعة المستوى ركّزت على
مشاريع الطاقة النظيفة والاقتصاد الرقمي
برامج بناء القدرات لتنمية المهارات المحلية
وتنسجم هذه المبادرات مع الأهداف التنموية بعيدة المدى للإقليم، وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمارات الصينية.وفي إدراكه لأهمية الإعلام والدبلوماسية العامة، حافظ ليو جون على قنوات تواصل مفتوحة مع وسائل الإعلام الكردية والعراقية. ففي مارس 2025، عقد مؤتمرًا صحفيًا حول الدورتين السنويتين (المؤتمر الوطني الشعبي والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني)، حيث تطرّق إلى:
أحدث توجّهات السياسة الاقتصادية والخارجية للصين
إمكانيات التعاون بين الصين وإقليم كردستان في مجالات السياحة والتعليم والبنية التحتية
وقد ساهم هذا الانفتاح في بناء الثقة وتعزيز الوعي العام بالدور البنّاء الذي تضطلع به الصين في المنطقة.إنّ انخراط الصين في إقليم كردستان يتجاوز الأطر الدبلوماسية التقليدية، ويعكس التزامًا حقيقيًا بالتنمية المستدامة والتبادل الثقافي بين الشعوب. ومع توسّع هذه الجهود، من المرجّح أن تمهد الطريق لشراكة أقوى وأعمق بين الصين وإقليم كردستان في السنوات القادمة.